تتصاعد وتيرة إقصاء معارضي مشروع خلافة مجتبى خامنئي لوالده المرشد علي خامنئي، بشكل تدريجي من مراكز النفوذ والسلطة في إيران؛ حيث يتعرضون للإقالة من المناصب الرئيسة والحساسة.

وأحد الأمثلة البارزة على هذا النهج هو عضو هيئة رئاسة مجلس خبراء القيادة، أحمد خاتمي، الذي جرى استبعاده من عضوية الهيئة؛ بسبب معارضته مشروع خلافة مجتبى خلال جلسة سرية للمجلس. وخلال الأشهر الستة الأخيرة فقط، أُقيل أيضًا من المجلس الأعلى للحوزة العلمية في قم.

وتشير هذه التطورات إلى أن النظام يتخذ إجراءات صارمة ضد معارضي هذه الفكرة.

وفي سياق آخر، عزز مصرع إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم الطائرة، الذي لم يبح بأسراره كاملة حتى الآن، هذه الفرضية؛ وهو الذي كان رئيس الجمهورية ونائب رئيس مجلس الخبراء، وتُوفي قبل يوم واحد فقط من جلسة اختيار رئيس جديد للمجلس، خلفًا لأحمد جنتي، ويُقال إن إبراهيم رئيسي كان أيضًا معارضًا لطرح خلافة مجتبى خامنئي.

ووفقًا لبعض التقارير، فقد سأل رئيسي ذات مرة وحيد حقانيان، المقرب من خامنئي، عن فرصه في خلافة المرشد؛ فلو بقي رئيسي على قيد الحياة، لكان مرشحًا رئيسًا لرئاسة مجلس الخبراء، ما يجعله ثقلاً موازنًا لمجتبى خامنئي. لكن وفاته الغامضة مع معارضته خلافة مجتبى تزيد من الشكوك حول ملابسات موته.

وفي هذه الأثناء، قام مجتبى خامنئي نفسه بخطوات غير مسبوقة مؤخرًا؛ حيث نُشر فيديو له- لأول مرة- يعلن فيه إيقاف دروسه في "فقه الخارج" في حوزة "قم". ويقول بعض المقربين منه إن سبب إيقاف دروسه هو استعداده لخلافة والده، إذ بدأت حملة دعائية تزعم أنه يجهز نفسه للقيادة.

ويزعم هؤلاء المؤيدون أن مجتبى، في حال توليه القيادة، سيحارب الفساد ويعمل على تحسين أوضاع البلاد، وتعكس هذه الادعاءات محاولات واضحة من النظام لتهيئة الرأي العام لقبول قيادته.

وفي السياق ذاته، كشف الرئيس السابق لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، محمد سرافراز، عن أن مجتبى خامنئي لعب دورًا كبيرًا في اتخاذ القرارات الاستراتيجية للنظام منذ عام 1997، بما في ذلك تعيين وإقالة المسؤولين والتدخل في نتائج الانتخابات.

وترسم هذه التصريحات، إلى جانب شواهد أخرى، صورة أوضح لدور مجتبى كأحد صناع القرار الرئيسين في النظام إلى جانب والده.

وتكتسب هذه التطورات أهمية خاصة؛ لأن اختيار المرشد له تأثير مباشر على مستقبل إيران وشعبها البالغ تعداده 87 مليون نسمة. ومع أن غالبية الإيرانيين يعارضون النظام القائم ومبدأ ولاية الفقيه، ولا يرون فرقًا كبيرًا بين القائد الحالي والمحتمل، فإن هذا الوضع يكشف عن خطط النظام لضمان استمراريته بعد علي خامنئي.

وتأتي هذه التطورات أيضًا في وقت تواجه فيه طهران تهديدات خارجية. حيث أعلن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل ستركز على إزالة التهديد الإيراني، بعد وقف إطلاق النار مع حزب الله.

وهذه التصريحات، إلى جانب الضغوط الداخلية، والقلق من وفاة خامنئي أو مقتله في هجوم إسرائيلي، تزيد الوضع صعوبة على النظام الإيراني.

وفي المجمل، تُظهر الأدلة والقرائن الحالية أن النظام، في الوقت الذي يواجه فيه تهديدات خارجية، يعمل على إدارة عملية انتقال السلطة إلى مجتبى خامنئي، في وقت تأمل فيه أغلبية الشعب الإيراني أن لا يكون هناك نظام قائم أصلاً ليحتاج إلى مرشد ثالث.

مزيد من الأخبار