زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي منازل 4 من كبار رجال الدين في "قم" الأسبوع الماضي للحصول على دعمهم للمفاوضات مع الغرب، بينما تجد إيران نفسها في موقف أضعف على الساحة الدولية.
ووصفت وسائل الإعلام الرسمية، بما في ذلك وكالتا "إرنا" و"إيسنا"، هذه الزيارات بأنها "إحاطة حول السياسة الخارجية والتطورات الإقليمية"، حيث ركزت على وصف عراقجي لوقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل وحزب الله بأنه "نصر لحزب الله وهزيمة لإسرائيل".
ويهدف هذا التواصل مع كبار رجال الدين الشيعة، أو "آيات الله العظمى"، إلى حشد الدعم من المتشددين في إيران، في محاولة لإثبات أن المفاوضات مع الغرب لا تتعارض مع المبادئ الأيديولوجية للجمهورية الإسلامية التي طالما صورت الغرب كـ"عدو".
ويدعم عامة الناس فكرة التفاوض لتخفيف الأعباء المالية المحتملة مقابل تقديم تنازلات سياسية أو عسكرية أو نووية، ولم يعودوا يبحثون عن طمأنة رجال الدين، إذ يعتقد كثير أن نفوذهم قد تضاءل بسبب سوء إدارة الحكومة الإيرانية للاقتصاد وتدهور الأوضاع العامة.
الاحتجاجات الأخيرة من قبل المعلمين والمتقاعدين، بالإضافة إلى المظاهرات واسعة النطاق منذ عام 2018، شهدت مطالبات للحكومة بإعطاء الأولوية للقضايا الداخلية بدلًا من الالتزامات الخارجية مثل الحروب في لبنان وغزة التي يقودها حلفاء إيران العسكريون في المنطقة.
رجال الدين الذين التقاهم عراقجي متقدمون في السن، وغالبًا ما يعانون من مشكلات صحية، وتصريحاتهم العامة غالبًا ما تُعد من قبل مساعدين.
آية الله عبد الله جوادي آملي (مواليد 1933)، وهو أصغرهم، سلط الضوء على أهمية الاستثمار في الموارد البشرية الإيرانية بدلًا من الاعتماد على ثروات النفط والغاز. ويُعتبر الوحيد الذي تناول معاناة الإيرانيين المالية سابقًا ودعا الحكومة لاتخاذ خطوات.
آية الله حسين نوري همداني (مواليد 1925) أكد في بيان عام على تعزيز "محور المقاومة"، محذرًا من الثقة بوعود إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار مع حزب الله، ودعا إلى دعم سوريا في محاربتها "التكفيريين"، وهو مصطلح يستخدمه الشيعة غالبًا لوصف "المتطرفين السنة".
آية الله ناصر مكارم شيرازي (مواليد 1926) حذر علنًا من الثقة بالولايات المتحدة والغرب، داعيًا الحكومة إلى مساعدة لبنان وغزة في إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الهجمات الإسرائيلية منذ الحرب التي اندلعت العام الماضي بعد هجوم حماس، المدعومة من إيران، على إسرائيل.
ولم يُصدر آية الله جعفر سبحاني (مواليد 1929) أي تصريحات علنية، وأفادت وكالة "إيسنا" بأن عراقجي التقى أيضًا ممثلًا للزعيم الشيعي العراقي آية الله علي السيستاني في قم.
مواقف متباينة
في الوقت نفسه، قدم خطباء صلاة الجمعة مواقف متباينة بشأن الدبلوماسية.
أحمد علم الهدى، رجل الدين المتشدد في مشهد، شكك في جدوى المفاوضات مع أوروبا وهاجم المحادثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا، التي كانت وراء قرار ضد إيران مؤخرًا.
في طهران، اتخذ خطيب الجمعة محسن أبو ترابي فرد موقفًا أكثر تصالحية، مشيرًا إلى أنه إذا غيّر الغرب سلوكه، يمكن أن تستمر المفاوضات على أساس الاحترام المتبادل ومراعاة مصالح إيران.
يأتي ذلك بينما يستعد دونالد ترامب لتولي الرئاسة للمرة الثانية، مع احتمال إعادة سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران.
التواصل مع رجال الدين في قم يعكس محاولات الحكومة للتعامل مع الضغوط السياسية الداخلية والتحديات الخارجية المتزايدة.
في الوقت الذي التقى فيه وزير الخارجية بـ"الآيات العظمى"، شنت قوات المعارضة السورية هجومًا مفاجئًا ضد القوات الإيرانية والسورية، ما أدى إلى السيطرة السريعة على مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، وتهديد الوجود الإيراني المستمر منذ 13 عامًا في البلاد.